تحتضن العاصمة التونسية يوم غد الجمعة 28 نوفمبر 2025 حدثًا رياضيًا استثنائيًا ذا طابع إنساني قبل أن يكون تنافسيًا، حيث يستقبل النادي الإفريقي فريق نجوم القدس الفلسطيني في مواجهة دولية ودية يحتضنها الملعب الأولمبي حمادي العقربي برادس بداية من الساعة الرابعة مساء بالتوقيت المحلي. وتأتي هذه المباراة في سياق مناسبة رياضية–تضامنية تهدف إلى نصرة القضية الفلسطينية وإبراز وحدة وجدان الشعوب العربية تجاه معاناة الفلسطينيين، خصوصًا في ظل الأوضاع الصعبة التي يشهدها القطاع.
تحكيم تونسي خالص لإدارة اللقاء
أعلنت الجهة المنظمة أنّ الحكم التونسي مجدي بلّاغة سيقود اللقاء، بمساعدة كل من عمرو بريدع كمساعد أول ومحمد علي الدرويش كمساعد ثان، بينما تم تعيين رضا الشويحي حكمًا رابعًا، وإسناد مهمة التقييم إلى الخبير التحكيمي شكري قندولة. وتم اختيار طاقم تحكيمي تونسي كامل حرصًا على أن يكون اللقاء بطابع محلي–أخوي، بعيدًا عن الرسميات المعهودة في المسابقات الدولية.
تحضيرات تنظيمية ورياضية على أعلى مستوى
أنهى النادي الإفريقي خلال الأيام الماضية جميع الاستعدادات المتعلقة بتنظيم المباراة، سواء على المستوى الرياضي أو الأمني أو اللوجستي. وأفاد مصدر من داخل النادي أن الجهود تكثفت لضمان أفضل استقبال ممكن للفريق الفلسطيني، خاصة وأن المباراة لا ترتبط بحسابات رياضية بقدر ما ترتبط بقيم التضامن والدعم.
وعملت إدارة الإفريقي على تجهيز غرف الملابس ومرافق الملعب ووسائل النقل والإقامة بما يليق بوفد نجوم القدس، إضافة إلى تنسيق دقيق مع السلطات الأمنية لتأمين دخول الجماهير وخروجها في ظل الحضور المتوقع أن يكون كبيرًا. كما خاض الفريق الأول للنادي الإفريقي سلسلة تدريبات مغلقة استعدادًا لهذا الحدث، تحت إشراف الإطار الفني الذي أكّد أن الجانب المعنوي للمباراة لا يقل أهمية عن الجانب الفني.
استقبال تونسي حافل لنجوم القدس
وصل وفد فريق نجوم القدس إلى تونس أمس الأربعاء حيث حظي باستقبال وُصف بـ”الاستثنائي”. فقد تجمّع عدد من محبي الإفريقي والجماهير التونسية أمام المطار لانتظار أعضاء الوفد الفلسطيني، رافعين أعلام فلسطين ومرددين شعارات مساندة للشعب الفلسطيني. وظهر التأثر واضحًا على أفراد الوفد الذين عبّروا عن شكرهم لحرارة الاستقبال، مؤكدين أن تونس كانت دائمًا بلدًا مساندًا لفلسطين رياضيًا وشعبيًا وسياسيًا.
ويضم فريق نجوم القدس مجموعة من أبرز لاعبي نادي جبل المكبر، إلى جانب عدد من نجوم الدوري الفلسطيني الذين تم اختيارهم لتمثيل الكرة الفلسطينية في هذه المناسبة الرياضية. ويأمل الوفد الفلسطيني أن تشكل المباراة متنفسًا معنويًا للاعبين، وفرصة لتوجيه رسالة سلام وصمود من أرض تونس.
“ملعب حمادي العقربي” يتحول إلى منصة تضامن
ستُقام المباراة في الملعب الأولمبي حمادي العقربي برادس، أحد أهم الملاعب في إفريقيا والعالم العربي، والذي سيشهد غدًا حضورًا جماهيريًا معتبرًا. وكانت السلطات التونسية قد أعلنت تخصيص 25 ألف تذكرة لجماهير الإفريقي، وهي الطاقة القصوى المعتمدة حاليًا وفق اللوائح التنظيمية الخاصة بحضور الجماهير في تونس.
ويتوقع أن تشهد المدرجات لوحات فنية متنوعة بألوان النادي الإفريقي الأحمر والأبيض، وألوان فلسطين، في مشهد يجمع الرياضة بالموقف الإنساني. وقد عبّر عدد من مشجعي الإفريقي عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن استعدادهم للمشاركة بكثافة في هذه المباراة التي يرونها “فعلًا رمزيًا يجسد وحدة الشعوب”.
رسالة الإفريقي إلى جماهيره: “الأعلام قبل الأقدام”
نشر النادي الإفريقي بيانًا عبر حساباته الرسمية دعا فيه جماهيره إلى الحضور بأعداد غفيرة، مؤكدًا أن هذا يحوّل المباراة إلى رسالة دعم حقيقية. وجاء في البيان:
“كونوا مرفوقين برايات وأعلام فلسطين الأبية، فشرف الانتماء للأحمر والأبيض لا ينفصل عن تمسّكنا بوحدتنا مع إخواننا في فلسطين، قلبًا وقالبًا.”
كما روّج النادي للمباراة بفيديو يحمل لقطات مؤثرة لجماهيره في مباريات سابقة وهي ترفع لافتات مساندة لفلسطين. وجاء في نص الفيديو:
“في ليلة يكون فيها الملعب مساحة احترام، وفن، ورسالة… 28 نوفمبر 2025، موعد تُرفع فيه الأعلام قبل الأقدام، وتتحول تسعون دقيقة إلى جسر بين شعبين، وصوت واحد يعلو: الروح أقوى من كل شيء.”
وقد لاقى الفيديو انتشارًا واسعًا على المنصات الاجتماعية، حيث اعتبره الكثيرون رسالة واضحة بأن الرياضة يمكن أن تكون منبرًا للإنسانية.
البعد الرمزي للمباراة: أكثر من مجرد ودّية
لا شك أن مباراة الإفريقي ونجوم القدس تتجاوز حدود التنافس الرياضي. فهي لقاء بين شعبين تجمعهما علاقات تاريخية عميقة، وتجسيد لما يمكن أن تقدمه الرياضة من مساحة للتقارب والتضامن. وتؤكد إدارة النادي الإفريقي أن هذه المباراة تأتي ضمن سلسلة من المبادرات التي يهدف النادي من خلالها إلى تعزيز دوره المجتمعي والثقافي، إضافة إلى دوره الرياضي.
كما يرى محللون رياضيون أن مبادرة الإفريقي قد تُلهم أندية عربية أخرى لتنظيم فعاليات مشابهة دعما للقضية الفلسطينية، خاصة مع تزايد اهتمام الجماهير العربية بتوظيف الرياضة كمنبر للتعبير عن المواقف المبدئية.
توقعات المباراة وجوّها العام
من المتوقع أن تكون المباراة ممتعة فنيًا رغم طابعها الودّي، إذ يسعى كل فريق إلى تقديم أداء مشرّف يعكس قيمته الكروية. وسيحاول الإفريقي استغلال عاملي الأرض والجمهور لتقديم عرض يجمع بين المتعة والرسالة الإنسانية، بينما سيسعى نجوم القدس إلى إظهار إمكاناتهم وتقديم أداء يليق باسم فلسطين ودوريها المحلي رغم الظروف الصعبة التي يمر بها اللاعبون.
وسترافق اللقاء مجموعة من الفقرات الرمزية قبل انطلاقه، من بينها عرض مشترك للأعلام وتحية جماعية من لاعبي الفريقين، إضافة إلى كلمات قصيرة لمسؤولين رياضيين تونسيين وفلسطينيين.
خاتمة
مباراة النادي الإفريقي ونجوم القدس ليست مجرد حدث رياضي عابر، بل هي مناسبة تحمل رسالة إنسانية وسياسية وثقافية تلتقي فيها الرياضة بالقيم وتسمو فيها الروح الرياضية على الحسابات الميدانية. وبقدر ما ينتظر الجمهور 90 دقيقة من المتعة، ينتظر أيضًا أن يكون هذا الحدث عنوانًا جديدًا للتضامن العربي مع فلسطين، وصوتًا يُسمع من مدرجات رادس إلى كل مكان.
