مسيرة بحث عن اللقب الخامس
يدخل الترجي نسخة هذا الموسم من البطولة الإفريقية بطموحات مرتفعة، مدفوعًا بتاريخه العريق في المنافسة التي توّج بها في أربع مناسبات: 1994، 2011، 2018 و2019. ورغم أنّ الفريق لم يتذوّق طعم اللقب منذ ست سنوات، فإنّ إدارة النادي وجماهيره تعتبر النسخة الحالية فرصة سانحة لتصحيح المسار والمنافسة بجدية على اللقب الخامس، خاصة أن الفريق يعيش استقرارًا إداريًا وفنيًا نسبيًا مقارنة بمرحلات سابقة.
ورغم أن الترجي غادر النسخة الفارطة من البطولة عند الدور ربع النهائي بعد تأهله في صدارة مجموعته، فإنّ مشاركته تلك أثبتت قدرته على مقارعة كبار القارة، غير أنّه افتقد حينها للنجاعة الهجومية والجاهزية البدنية في الأدوار الإقصائية. واليوم، يدخل الفريق نسخة 2025–2026 بطموح واضح: بلوغ الأدوار المتقدمة والمنافسة بقوة على اللقب.
مجموعة متوازنة ولكن صعبة
أفرزت قرعة دور المجموعات التي دارت في جوهانسبورغ يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 عن وقوع الترجي ضمن المجموعة الرابعة إلى جانب أندية سيمبا التنزاني، بيترو أتليتيكو الأنغولي، والملعب المالي. وتُعد هذه المجموعة متوازنة على الورق، لكنها تحمل تحديات كبيرة لفريق باب سويقة، خاصة أمام فرق اعتادت المشاركة القارية وتمتلك خبرة مهمة في المنافسات الإفريقية.
• سيمبا التنزاني: منافس قوي على أرضه ويمتاز بجماهيرية كبيرة وبأداء بدني عالي.
• بيترو أتليتيكو الأنغولي: واحد من أبرز الفرق في جنوب القارة، وبلغ الأدوار النهائية في مناسبات سابقة.
• الملعب المالي: خصم تقليدي للأندية التونسية ويُعرف بانضباطه التكتيكي وصلابته الدفاعية.
ولعلّ أوّل اختبار للترجي سيكون أمام الملعب المالي، وهو لقاء مهم للغاية فكًّا للضغط وانطلاقة لمسيرة قد تحدّد ملامح مستقبل الفريق في هذه المجموعة.
غيابات مؤثرة قبل ضربة البداية
ترافق هذه البداية القارية للترجي جملة من الغيابات المؤثرة في صفوف الفريق، أبرزها إصابات لاعبين يعدّون من الركائز الأساسية، مثل يوسف البلايلي، محمد أمين توغاي ويان ساس، وهو ما يشكّل تحديًا أمام المدرب ماهر الكنزاري الذي يجد نفسه مطالبًا بالحفاظ على توازن الفريق وصناعة التوليفة المناسبة لضمان الانتصار.
ورغم أنّ الرصيد البشري للترجي يضم لاعبين شبانًا قادرين على تعويض الغيابات، إلا أنّ المباريات القارية عادةً تتطلب خبرة وتجربة قد تفتقدها بعض الأسماء الصاعدة. ومن هنا، يبدو أن الجهاز الفني مطالب بتوظيف خبرة اللاعبين الموجودين في المجموعة مع الحرص على عدم التأثر بالضغوط التي عادة ما تلازم البدايات الحاسمة.
اختبار مبكر للمدرب ماهر الكنزاري
يُعدّ لقاء الملعب المالي أول اختبار حقيقي للمدرب ماهر الكنزاري، الذي يخوض أولى تجاربه في قيادة الترجي قارّيًا منذ تسلمه زمام الأمور. ورغم الضغوط، فإنّ الكنزاري أظهر خلال المباريات الأخيرة ثقة في قدرات فريقه ورغبة في تقديم كرة قدم هجومية متوازنة، مع الحفاظ على الصلابة الدفاعية التي تُعدّ من أبرز نقاط قوة الترجي في السنوات الأخيرة.
ومن المنتظر أن يعتمد الكنزاري على أسلوب ضغط مرتفع وسرعة في التحولات الهجومية، مستفيدًا من الأسماء القادرة على صناعة الفارق في الخط الأمامي، للوصول إلى مرمى المنافس منذ الدقائق الأولى وتحييد أي مبادرة هجومية من الفريق المالي.
رحلة صعبة تنتظر الترجي خارج الديار
بعد مباراة رادس، يتحول الترجي نهاية الأسبوع القادم إلى لواندا لملاقاة بيترو أتليتيكو الأنغولي في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الرابعة، وهي مواجهة تُصنّف ضمن أصعب مباريات الفريق خارج القواعد، نظرًا لقوة المنافس على ملعبه وأجواء اللعب في أنغولا. وبالتالي، فإنّ حصد ثلاث نقاط أمام الملعب المالي سيكون بمثابة دفعة معنوية مهمة قبل خوض هذا الامتحان الصعب.
الترجي… ممثل تونس الوحيد وحامل آمال الجماهير
يُعدّ الترجي الرياضي التونسي الممثل الوحيد لكرة القدم التونسية في المسابقات الإفريقية للأندية هذا الموسم، بعد خروج الاتحاد المنستيري من رابطة الأبطال، وإقصاء الملعب التونسي والنجم الساحلي من الدور التمهيدي الثاني لكأس الكنفدرالية. وهذا الواقع يزيد من حجم المسؤولية الملقاة على عاتق فريق باب سويقة الذي يحمل آمال جماهير تونس بأكملها في الذهاب بعيدًا في المنافسة القارية.
وبالنظر إلى خبرته الطويلة في هذه المسابقة، وإلى ثقافة الفوز المتجذرة في النادي، يبدو الترجي قادرًا على لعب دور أساسي في النسخة الحالية، شريطة الحفاظ على الجاهزية البدنية وتجنّب الإصابات، إضافة إلى حسن إدارة المباريات خارج القواعد.
ختامًا
يدخل الترجي الرياضي التونسي نسخة 2025–2026 من رابطة الأبطال الإفريقية بطموحات واضحة: العودة إلى منصة التتويج وكتابة فصل جديد من تاريخه القاري. ورغم الصعوبات والغيابات، فإنّ الفريق يمتلك كل المقوّمات التي تخوّله للذهاب بعيدًا، وخاصة إذا تمكن من تحقيق بداية قوية أمام الملعب المالي.
ومهما كانت التحديات، يبقى الترجي دائمًا مرشحًا فوق العادة في كل نسخة يشارك فيها، بفضل تاريخه، جماهيره، ثقافة الانتصار التي تميّزه، وقدرته الدائمة على التجدد والعودة إلى المنافسة مهما تعرّض للعقبات.